في مطلع جويلية الماضي، استضاف تواتي مؤلف الرواية مسلم عبد الفتاح، ضمن برنامجه الثقافي “الثقافة، النظرة الأخرى”، ليسدل الستارعلى الموسم بموضوع محوري: التضامن مع فلسطين. لكن وقبل أيام قليلة من موعد البث، علم أن الحلقة منعت من العرض، والسبب: “خلال الحوار، تطرقنا إلى الدعم الأميركي للإبادة الجماعية”.
وندد تواتي بما وصفه “رقابة تعسفية”، مؤكدا أن الأمر ليس حالة معزولة. ففي حلقة سابقة، حُذف مقطع كان قد تحدث فيه بنبرة متهكمة عما سماه “هذيان ترامب”. يومها اعتقد أن حذف هذه اللقطات كان مجرد “زلة صياغة”، كما كتب على صفحته في فيسبوك. “لكن هذه المرة حجبت الحلقة كاملة”، كما قال تواتي في المكتوب ذاته.
مع بداية الموسم الجديد، أبلغته إدارة القناة بتعديل صيغة البرنامج، إذ سيصبح كالتالي: سيقف هو منفردا، يقرأ نصا مكتوبا مسبقا، لمدة 13 دقيقة أمام الكاميرا، هكذا فقط. ومنه فبعد التعديل لا وجود لضيوف، ولا مكان لحوار ولا لأي نقاش. بعبارة أخرى، يقول تواتي: «إلغاء النقاش هو إلغاء احتمال “الانزلاق”، لم يكن الأمر إصلاحا تحريريا، بل رقابة مقنعة».
“المحاكاة المتواطئة”
تواتي مذيع البرنامج ومقدم كتاب رواية “طوفان الأقصى”، اعتبر أنه ليس ممكنا الحديث عن الكتاب دون مؤلفه، أو دون حرية في التعبير، كان الأمر ليشبه كما وصفه «تمثيلا يحاكي ظواهر الأمور ببراعة».
بالنسبة له، هذه الحادثة تعكس توجها أوسع: “الرقابة لا تُفرض لأسباب تقنية، بل لأننا نمس الجوهر. فالأدب والنقد لا يمكنهما الاختباء خلف الجماليات التمثيلية والمظاهر في وقت يُذبح فيه شعب بأكمله”.
ويأسف الكاتب لأن كثيرا من وسائل الإعلام اختارت الصمت والعبارات فارغة إزاء الإبادة الجارية في غزة. فيقول “رفض إعطاء الكلمة للكتاب الذين ينددون، هو مشاركة في هذا الصمت الصاخب. هو تواطؤ مع دعاية تمحو التاريخ وتحول الجريمة إلى دفاع مشروع”. بعد خمس مواسم كاملة من برنامج ” الثقافة، النظرة الأخرى”، يطوي تواتي الصفحة. لكنه يرفض الاستسلام لليأس، فيقول: “القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في عصرنا. الرقابة لن تطفئها. هناك منابر أخرى، وسنواصل إيصال هذه الصوت”.