يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه العنيف لمدينة غزة، مخلفا خرابا فوق الخراب ومطيلا قائمة ضحايا الإبادة الصهيونية الأبرياء. ولولا الطمأنينة والإسناد التي توفرها له حليفته غير المشروطة، الولايات المتحدة الأمريكية، لما تجاهل الكيان الإسرائيلي كل الأصوات المطالبة بوقف المجزرة.
ومنذ أيام قليلة، شن الجيش الإسرائيلي هجوما بريا واسعا على غزة. هجوم يتزامن مع اقتراب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يُتوقع – ما لم يحدث طارئ في اللحظات الأخيرة – أن تعترف الجمعية بدولة فلسطين.
ولهذه اللحظة تتوالى سلسلة الاعترافات من الدول، فقد أعلنت عدة دول التزامها بالاعتراف بدولة فلسطين. بلدان أوروبية وغيرها، من بينها فرنسا والبرتغال بريطانيا وأستراليا وكندا، قررت الرهان على هذه الخطوة. وللتذكير فإنه في مارس 2024، صوت 143 بلدا لصالح انضمام فلسطين باعتبارها عضوا كامل الحقوق في الأمم المتحدة، مقابل 9 دول صوتت ضد و25 دولة امتنعت عن التصويت.
ويهدف هذا الهجوم البري، بالإضافة إلى قتل المزيد من الأبرياء بدم بارد ووجه منكر، إلى دفع سكان غزة نحو النزوح لتوسيع مناطق الاحتلال. إذ أن الحرب ضد غزة التي قاربت عامها الثاني، هي حرب احتلال يقر بها الكيان الإسرائيلي نفسه بشكل شبه صريح.
مشروع احتلال غزة
وتكشفت النوايا الإسرائيلية في مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حليفها الأوثق، بشأن غزة. فخلال الهدنة التي امتدت مطلع عام 2025 (من 19 جانفي إلى 18 مارس)، اقترح ترامب تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، وهو مشروع لا يتحقق إلا عبر تهجير السكان الفلسطينيين الأصليين وتطهير الجغرافيا الفلسطينية تطهيرا عرقيا.
من جانبه، فإن الإرادة الإسرائيلية ليس بعيدة عن طرح ترامب، سوى أن إسرائيل تريد ضم غزة كما دأبت على قضم أجزاء أخرى من الأراضي الفلسطينية منذ النكبة إلى الأن. وهذا هو السبب الجوهري الذي يجعلهم يرفضون أي مقترح لوقف إطلاق النار.
وفي يوم الخميس 18 سبتمبر، اصطدم مجلس الأمن الدولي مجددًا بالفيتو الأمريكي، وهو الذي حال، كما جرت العادة من بداية العدوان، دون تبني قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة. فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 8 أكتوبر 2023، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ست مرات لصالح إسرائيل. هذا القرار الذي قدمته الدول العشر غير دائمة العضوية، حصد 14 صوتًا مؤيدًا، ولكنه في الأخير سقط بسبب الفيتو الأمريكي اليتيم.
هذا الفيتو الأمريكي الذي أصبحت مهمته حماية إسرائيل لمواصلة مجازرها في غزة بكل طغيان. وتشير مصادر فلسطينية إلى مقتل ستة أشخاص فجر الأحد جراء قصف مدفعي، فيما تواصلت الغارات خلال النهار، خصوصًا على شمال قطاع غزة.