“منذ وقوع الحادثة وأنا أقول للمصور: أشعر وكأنني سأقتل”.
ما زال عميد شحادة البالغ من العمر 36 عاماً، يسمع صوت الرصاصة التي مرت بجانب رأسه.
وجد شحادة الذي يعمل مراسلاً للتلفزيون العربي، ومصور القناة ربيع المنير (42 عاماً)، أنفسهما في مرمى نيران القوات الإسرائيلية، أعلى تلة متوسطة الانحدار؛ أثناء قيامهما بتغطية صحفية.
وعلى الرغم من هويتهما الصحفية الواضحة -المتمثلة في السترات الصحفية، والخوذات، وحوامل الكاميرا، والكاميرا، والميكروفون- فإن ذلك لم يكن سبباً كافياً لحمايتهما.
أطلقت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن ثلاث رصاصات صوب الصحفييْن، أصابت اثنتان منها الكاميرا، التي كانت -وفق شحادة- على بعد نصف متر منه تقريباً، بينما لم تكن تبعد عن المنير أكثر من 30 سنتيمتراً.
بنبرة صوت أقل ثقة عن تلك التي لازمته عند ظهوره من خلال التلفاز، يقول شحادة لفوربيدن ستوريز: “هذه رسالة مقصودة لنا”. هذا التفسير للحادثة، يستند إلى رؤية حادة؛ نتاج 14 عاماً من العمل مراسلاً في الضفة الغربية. طالباً توثيق ما يقوله، يضيف شحادة: “يرجى تسجيل ما أقوله تحسباً لإصابتي بمكروه… نشعر -كمراسلين نعمل في الضفة الغربية- اليوم أكثر من أي وقت آخر، بأن أيّاً منا قد يذهب في أي وقت لإعداد تقرير، بلا عودة”.
في الساعات الأولى من يوم 4 أيار/مايو 2024، توجه شحادة والمنير إلى دير الغصون، شمال شرقي مدينة طولكرم (الضفة الغربية المحتلة)، لتغطية مداهمة استمرت أكثر من 12 ساعة. بحسب مكتب المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية؛ فإن العملية شاركت فيها قوات مكافحة الإرهاب من الشرطة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي والشاباك، بهدف “إحباط نشاط خلية إرهابية”.
خلال المداهمة، هدمت القوات الإسرائيلية بجرافة منزلاً من طابقين، بزعم أنه مملوك لأعضاء في حركة حماس، التي تصنفها -على وجه الخصوص- كل من أميركا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل حركة إرهابية. وأثناء الليل، قُتل في المنطقة خمسة فلسطينيين، وفق ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، والقوات الإسرائيلية. وأعلنت حماس أن أربعة من القتلى ينتمون لجناحها المسلح (كتائب القسام).
ووفقاً لشهادات ستة صحفيين كانوا في موقع الحادثة -بجانب شحادة والمنير- لم يكن هناك أيّ نشاط عسكري أو اضطرابات، أو حتى إلقاء حجارة في نطاق عمل الصحفيين. في حين كانت أقرب نقطة قتال، حول المنزل المستهدف، تبعد نحو 290 متراً من موقع عمل الصحفيين.
بمجرد وصولهم، صعد طاقم العمل (الصحفيون) أعلى تلة قريبة؛ لكشف منطقة الاشتباك، بحسب روايتهم لاتحاد فوربيدن ستوريز.
وفق شحادة، أُبلغ الجنود بوجود المراسلين، وعُرفت على هذا النحو هويتهم الصحفية. ولم يغير شحادة والمنير موقعهما منذ حضورهما عند نحو الساعة الثامنة صباحاً، وحتى لحظة إطلاق النار التي وقعت عند نحو الساعة العاشرة والنصف صباحاً. (تمكنت فوربيدن ستوريز من استخراج البيانات الوصفية من صورة التقطت عند الساعة 9:28 صباحاً في موقع الحادث، وتُظهر الصورة الصحفييْن في الموقع نفسه، وهما يرتديان سترتيهما الصحفية).
ووفقاً للقطات مصورة، ومعلومات من المصادر المفتوحة، جمعتها فوربيدن ستوريز؛ فإن ما لا يقل عن ثلاث سيارات تابعة للقوات الإسرائيلية، تمركزت على بعد 60 متراً تقريباً من الصحفييْن. وتظهر صور الأقمار الصناعية طريقاً خالياً لا يوجد به أيّ مبانٍ، يفصل الصحفييْن عن الجنود. لم تكن هناك إلا تلة (يقفان عليها) تنمو على سفحها نباتات محلية، مثل: شجرة نخيل وأعشاب جافة متناثرة. فكانا هدفين واضحين للقوات الإسرائيلية؛ يقول شحادة إنهما (شحادة والمنير) فقط من كانا يقفان على هذا الجانب المحدد من التلة.
راجع اتحاد فوربيدن ستوريز البث الكامل لقناة “العربي” لهذا اليوم؛ بدءاً من نحو الساعة 8:20 صباحاً حتى الإعلان عن الحادث عند الساعة 10:43 صباحاً، واستمر البث من كاميرا شحادة والمنير على الشاشة لساعة و50 دقيقة على الأقل، من دون أن يبلغا عن حدوث أيّ اضطرابات من حولهم طوال مدة البث. كما يمكن رؤية المركبات العسكرية الثلاث متمركزة في الموقع نفسه، في كل لقطات الفيديو، التي التقطها المنير طوال مدة البث.
وفي مقطع بثته قناة العربي في وقت سابق من صباح ذلك اليوم، سألت المذيعة شحادة: “هل يمكن أن يتصاعد الوضع في الساعات التالية؟”، وكان رد شحادة: “ترتكز نقطة الاضطرابات -حصراً- حول المنزل المستهدف… لا توجد اشتباكات في المنازل أو الأحياء المحيطة به”.
ولكن بعد مرور ما يزيد على ساعة؛ أيّ نحوالساعة العاشرة والنصف صباحاً، أطلقت بجانبهم أول رصاصة، من بين ثلاث رصاصات على الأقل.
كانت كاميرا الطاقم تعمل أثناء إطلاق النار، وسجلت محادثة الصحفييْن، وصوت رصاصتيْن تخترقان المعدات. ضربت الأولى سلك الكاميرا؛ فانقطعت إشارة البث المباشر، وضربت الثانية الكاميرا نفسها؛ فتوقفت عن العمل.
“انظر إنه يصوب نحونا، ركز على السيارة الجيب”.
حصلت فوربيدن ستوريز على فيديو الواقعة، الذي تبلغ مدته 34 ثانية، ويُظهر لحظة استهداف الكاميرا. يبدأ التسجيل بصوت طلقة نارية، بعدها تهتز الكاميرا قليلاً؛ يوضح شحادة أن ذلك يرجع إلى اصطدامهما عن طريق الخطأ بالحامل الثلاثي للكاميرا، أثناء بحثهما عن ساتر. وفي نهاية الفيديو، سُمع صوت طلقة نارية ثانية، وانتهى التسجيل فجأة.
في البداية، لم يكن الصحفيان على علم بمصدر إطلاق النار، واعتقد شحادة أن مصدر الرصاص يرجع إلى الجنود المتمركزين حول البيت المستهدف. لكن فيما بعد، يحذر شحادة المصور -كما يُظهر الفيديو- قائلاً: “انظر، إنه يطلق النار علينا”، طالباً منه التركيز على السيارة الجيب الموجودة في الموقع. لكن بعد تلاشي الآثار الأولية للصدمة، رجحا أن مصدر الطلقات قد يعود إلى آليات القوات الإسرائيلية، المتمركزة منذ ساعات طويلة عند نهاية التلة، التي لا يفصل بينهما (الصحفييْن) وبين الآليات ما يعيق الرؤية.
وأوضح تحليل مستقل أجرته وكالة الأبحاث الصوتية “إيرشوت” أن إطلاق ذخيرة ذات عيار متوسط من فوهة بندقية نحو جهاز تسجيل، يتمّ التقاط صوتين متميزين عادة: صوت انفجار الرصاصة الخارق للصوت وصوت الانفجار المصاحب لخروج الرصاصة من فوهة السلاح. ووفقاً لإيرشوت، فإن كلا الصوتين كانا مسموعين في مقطع فيديو قناة العربي، ذي الـ 34 ثانية، مع وجود فاصل زمني طويل بما يكفي بين الأصوات، ما يشر إلى أن جهاز التسجيل (الكاميرا) كان على خط النار.
يشير تحليل “إيرشوت” إلى أن الرصاصة الثانية (الأولى التي أصابت الكاميرا) يمكن أن تكون قد أُطلقت من مسافة تقدر بنحو 62 متراً؛ وهو ما يتوافق مع رواية شهود العيان ولقطات الفيديو من ذلك الصباح، التي تؤكد وجود ثلاث مركبات على الأقل تابعة للقوات الإسرائيلية، على نفس المسافة تقريباً، بالإضافة إلى زاوية دخول الرصاصة.
ويشير تحليل ثانٍ، أجراه مستشار تحليل الصوتيات روب ماهر -الذي أكد أن ذلك بصفة شخصية وبافتراض أن المواد التي راجعها أصلية والتقطت في الظروف نفسها المُبيّنة- إلى أنه “إذا كان الصوتان المسموعان يشيران بالفعل إلى مزيج من موجة صدمية وانفجار عند فوهة البندقية؛ فإن الفروق الزمنية بين الصوتين ستتوافق مع مسافة تقدر بـ 62.1 متراً”.
ولم يتمكن الاتحاد من تحديد المصدر الدقيق للطلقة الأولى، لكنّ الخبيرين اتفقا على أنها أُطلقت من موقع مختلف وأقرب.
وأكد فحص الكاميرا، الذي أجراه اتحاد “فوربيدن ستوريز”، وجود أثر رصاصتين؛ إحداهما اخترقت مقدمة الكاميرا باتجاه مائل (بزاوية) واستقرت بداخلها، في حين اخترقت الرصاصة الأخرى الجانب الأيمن من الكاميرا، بزاوية أيضاً، وخرجت من الخلف.
واستشارت فوربيدن ستوريز خبير أسلحة في هذا الشأن، اشترط عدم الكشف عن هويته، قال إن المعطيات المتمثلة في المسافة بين الجنود والصحفيين، والثقوب التي أحدثها اختراق الرصاصتين، فضلاً عن شظايا الرصاص الموجودة داخل الكاميرا؛ “تنفي احتمالية أن تكون الرصاصات طائشة”.
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على ذلك، وطلب من اتحاد فوربيدن ستوريز الرجوع إلى الشرطة الإسرائيلية التي نفذت العملية، وفق قوله.
وفي بيان لجنة حماية الصحفيين، قال الجيش الإسرائيلي: “لم نطلق -في أي وقت من الأوقات- النار عمداً على الصحفيين”. وبحسب الجيش الإسرائيلي، أطلقت القوات المتمركزة في المنطقة النار رداً على إطلاق نار من قبل “إرهابيين”؛ لكنّه لم يقدم أيّ دليل على هذا الادعاء.
وعند مواجهة الجيش الإسرائيلي بنتائج التحقيق، رفض التعليق وأحال “فوربيدن ستوريز” إلى الشرطة الإسرائيلية، التي نفذت العملية. لكنّ الشرطة الإسرائيلية لم ترد على الأسئلة، واكتفت بالقول: “نأخذ جميع الادعاءات المتعلقة بإصابة الصحفيين على محمل الجد”، كما أعادت توجيه “فوربيدن ستوريز” إلى مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي “لطرح الأسئلة بشأن السلطات القضائية أو الأنشطة العسكرية المحددة”.
“تثير الكاميرات المخاوف في الضفة الغربية”
في أعقاب هجمات حماس، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أفاد العديد من الصحفيين، العاملين في الضفة الغربية المحتلة، بزيادة المخاطر أثناء ممارسة العمل الصحفي، وتحدثوا عن زيادة وتيرة العنف ضد المراسلين، في مختلف أنحاء فلسطين.
أوضح الجندي السابق بالقوات الإسرائيلية، جويل كارمل، لفوربيدن ستوريز، أن قواعد الاشتباك أصبحت فضفاضة للغاية. وأضاف العضو في منظمة “كسر الصمت” -وهي منظمة غير حكومية أنشأها قدامى المحاربين في الجيش الإسرائيلي عام 2004؛ لسرد تجاربهم بشكل سري، في الأراضي الفلسطينية المحتلة- أن قواعد الاشتباك الفضفاضة أصبحت أكثر وضوحاً بعد هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
يقول كارمل: “في النهاية، إذا علم الجندي أن بإمكانه تبرير إطلاق النار (على المدنيين)، بزعم أنه كان يشعر بالتهديد، سيفعل، أليس كذلك؟… لن يتطلب الأمر أكثر من القول إنهم (الجنود) شعروا بالتهديد، من دون الحاجة إلى إثبات مصدر هذا التهديد، ناهيك عن أن الجنود دائماً ما يشعرون بالتهديد أثناء تجولهم… التدريب الذي يتلقاه الجندي في الجيش يبث في نفسه شعوراً بأن الفلسطينيين دائماً ما يشكلون تهديداً عليه”.
وأضاف مفسراً الوضع الحالي في فلسطين: “اليوم يتجول الجنود في الضفة الغربية، وهم ينظرون إلى كل فلسطيني بوصفه عدواً… هم لا يرون صحفيين، بل يرون أهدافاً”.
وفي مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وصوّره الصحفي عصام الريماوي -البالغ من العمر 40 عاماً- بعد مرور نحو 15 دقيقة من الحادثة؛ هنّأ فيه زملاء شحادة والمنير “لنجاتهما من الموت للمرة الثانية”.
ترجع الحادثة الأولى إلى تموز/يوليو 2023، عندما تعرض شحادة والمنير لإطلاق نار، أثناء تغطيتهما لعملية عسكرية شنتها القوات الإسرائيلية في مخيم جنين للاجئين. أطلقت سيارة جيب عسكرية النار على معداتهما بشكل متكرر، وفق ما قاله شحادة ونقلته وسائل إعلام دولية (شاهد من هنا وهنا وهنا). ويُظهر مقطع فيديو، نشره التلفزيون العربي وقت الحادثة، دوي إطلاق النار، واهتزاز الكاميرا، كما يُظهر احتراق جهاز البث الخاص بالطاقم.
لكنّ الجيش الإسرائيلي أخبر فوربيدن ستوريز بأن الثالث من تموز/يوليو 2023، يوافق انطلاق “عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي وشرطة الحدود الإسرائيلية في مخيم جنين”، وهي العملية التي “حدث خلالها تبادل كثيف لإطلاق النار مع الإرهابيين”. وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه ليس لديه أيّ نية لإيذاء أيّ من المدنيين، بما في ذلك الصحفيون.
تحمل هذه الحادثة أهمية خاصة؛ لأنها وقعت في المكان نفسه، الذي قُتلت فيه الصحفية الشهيرة شيرين أبو عاقلة برصاص قناص إسرائيلي، أثناء قيامها بمهمة صحفية في 11 أيار/مايو 2022 (شاهد من هنا وهنا).
قال عصام الريماوي، الذي عمل أيضاً صحفياً في الضفة الغربية لمدة 16 عاماً، لاتحاد فوربيدن ستوريز: “فقدت (الأمل في تحقيق) العدالة بعد مقتل زميلتنا شيرين… تضامن العالم كله معها، وتحدث عنها، لم تكن هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر قد وقعت بعد… وماذا كانت النتيجة في النهاية؟ لا شيء، وحتى اليوم، لم يُدنْ أيّ شخص بقتل أبو عاقلة”.
وتؤكد شهادات ستة صحفيين، بجانب الصور ومقاطع الفيديو التي جمعتها فوربيدن ستوريز وشركاؤها، أن 14 صحفياً على الأقل -بينهم شحادة والمنير- كانوا موجودين في دير الغصون (شمال شرقي مدينة طولكرم )، لتغطية المداهمات، ولم يكن بعضهم بعيداً عن المكان الذي أُطلقت فيه النيران على طاقم عمل التلفزيون العربي.
رغم أن أحداً لم يشهد الحادثة غيرهما، علم معظم الصحفيين بإطلاق النار بعد وقوعه مباشرة. قالت شاهدة تصادف وجودها بالمكان عقب الواقعة مباشرة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إنها رأت طاقم العمل ملقى على الأرض (يحاول حماية نفسه) بعد دقائق من إطلاق النار.
وكان مراسل الغد خالد بدير، البالغ من العمر 33 عاماً، يقف مع الصحفي بوكالة وفا، وفا عواد، في موضع مختلف من التلة نفسها التي كان عليها شحادة والمنير. عندما بدأت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار لأول مرة، اعتقد بدير وعواد أن الرصاص أطلق نحوهما؛ لكنّهما أدركا أن الطلقات أصابت كاميرا التلفزيون العربي. (يمكن في هذا الفيديو رؤية بدير وهو يتحدث لتلفزيون الغد عن آثار الاستهداف، ويبدو متأثراً بشكل واضح جراء إطلاق النار). كما أكد مراسل الجزيرة خلال البث أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على الصحفيين.
قال بدير: “لو أخبرنا الجيش أنها منطقة عسكرية، كنا سنبتعد؛ لكننا كنا بعيدين نسبياً عن الجيش، ولم يصدر تحذير من وقوع أيّ خطر على الإطلاق”.
وقال شحادة: “إذا طلب مني جندي بالجيش الإسرائيلي مغادرة المكان، سأفعل على الفور، أنا أعمل بشكل مهني، ولا يمكن أن أعرض نفسي لخطر التفاوض مع الجيش”.
يفسر عصام الريماوي الحادثة، مرجعاً عملية الاستهداف إلى خشية القوات الإسرائيلية من الكاميرا، مضيفاً: “لهذا السبب، يستهدف (الجيش) الصحفيين، لأنهم لا يريدون أن يرى العالم الجرائم… لذلك يطلقون النار مباشرة على عدسات الكاميرا أو على أعين الصحفيين؛ حتى لو كانوا يرتدون سترتهم الصحفية… لم تعد هنالك خطوط حمراء بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
وقبل دقائق قليلة من إطلاق النار على طاقم التلفزيون العربي؛ ألقت القوات الإسرائيلية أيضاً الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية على مجموعة مكونة من نحو عشرة صحفيين -من بينهم الريماوي- كانوا أيضاً يغطون أعمال المداهمة، وكانت هويتهم الصحفية واضحة من خلال السترات التي يرتدونها.
في ظل مناخ من العنف المتصاعد ضد الصحفيين؛ أثرت حادثة الاستهداف الثانية -التي وقعت بعد عام واحد من الحادثة الأولى- في معنويات الصحفي عميد شحادة، الذي يقول عن ذلك: “أفكر في الحادثة كل يوم، لماذا استهدفونا للمرة الثانية؟”.
وقال شحادة لفوربيدن ستوريز إنه، منذ وقوع الحادثة، يبوح لزميله المصور بمخاوفه من أن يُقتل أثناء قيامه بمهمة (صحفية) ما، مضيفاً: “سواء قتلت أنا أو المصور على يد الجيش الإسرائيلي؛ فقد سبق أن قلنا عدة مرات، إننا مستهدفان، وفقدنا الشعور بالأمان”.
رغم مخاوفهما، يواصل شحادة والمنير العمل يومياً على إعداد التقارير، وهما يرتديان سترتيهما الصحفية، ويحملان كاميرا في أيديهما، يحاولان بها جاهدين نقل قصص مختلفة، من الضفة الغربية إلى العالم.أُنجِزَ هذا التحقيق بدعمٍ من أريج.