التقيتُ شريف شرفي في نانتير (غرب باريس)، وهي المدينة التي كبر وناضل فيها منذ نهاية الخمسينات. يقترب شريف من سن الثمانين، شعره رمادي متوسط الطول بقامة منتصبة، يلبسُ سُترة تشونغاي زرقاء ويتحدّث بصوتٍ عميق وبكلمات يختارها بعناية. زرته مع مجموعة مع الباحثين والمناضلين، الذين دعتهم مجلة “ذا فينومبليست” المهمتة بسياسات العمران، في جولة للتعرف على الأحزمة الشعبية المحيطة بباريس وتاريخ الانتفاضات بها، سمعته يتحدّث، في مكتبة “الغربة مونامور”، التي احتضنت لقاءنا معه، عن جزء من مسيرته النضالية وبالخصوص، ذكرياته كطفل عن 17 أكتوبر 1961، ثم تطرّق باقتصاب لتجربته في الثورة الزراعية، بالجزائر، بداية السبعينات، هو الذي ترك البلاد طفلا مع عائلته للحاق بوالده. شدّني الموضوع وطلبت منه موعدًا للحديث بشكلٍ مطوّل عن سيرته وأهم المحطات فيها. من الجزائر إلى النضال لأجل القضية الفلسطينية، مرورا بلبنان وسوريا، ثم –دائمًا- العودة إلى نانتير التي كانت قَدَرْ وحِصْن وقَبْر مئات الآلاف من المهاجرين الجزائريين. فضّلنا أن نترك البورتريه بصيغة المُتكلّم، للاحتفاظ بشيء من سرد ولغة شريف شرفي وهو يحكي سيرته وتاريخه الشخصي الذي تقاطع أكثر من مرّة مع التاريخ العام للجزائر والمنطقة.