جار التحميل ...

مصر : مداخن قاتلة

رغم المنح المليونية.. غبار مصنع "أبو زعبل" لا يزال يخنق رئات الساكنة.


“عندما تعمل آلات المصنع، أهرول مسرعاً في الاتجاه المعاكس؛ في محاولة لالتقاط أنفاسي والبحث عن هواء غير محمّل بالغبار الأسود”، هكذا يصف محمود أبو عمر معاناته اليومية مع الانبعاثات الناتجة عن مصنع “أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية”.

يعمل “أبو عمر” حارساً لمغسلة بقطعة الأرض المقابلة مباشرة لمصنع أبو زعبل للأسمدة، ويعاني سعالاً متكرراً وصعوبة في التنفس ومشكلات صحية في القلب، يشخّص الأطباء حالة “أبو عمر” بأنه مريض قلب وصدر مزمن.

يشيع هذا المرض بين أهالي قرية أبو زعبل بمحافظة القليوبية -37 كيلومتراً من القاهرة- لتعدد مصادر تلوث الهواء بالقرية.

نكشف في هذا التحقيق استمرار تجاوز تركيزات الانبعاثات الغبارية لمصنع “أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية”، للحد الأقصى المسموح من وزارة البيئة، بالإضافة إلى تخلص المصنع من صرفه الصناعي من دون معالجة بترعة الإسماعيلية المجاورة؛ ما يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية التي تُروى بمياهها، على الرغم من حصول المصنع على حزمة من المنح من وزارة البيئة المصرية، في إطار مشروع مدعوم دولياً.

تزداد حالة “أبو عمر” الصحية سوءاً يوماً بعد الآخر، حتى أنه تعرض أكثر من مرة لنوبات تصل إلى حد فقدان الوعي، نتيجة استنشاق الغبار المنبعث من مداخن المصنع، الذي يشكّل هالات سوداء فوق مساكن عزبة سمك (هي عزبة داخل قرية أبو زعبل) المجاورة للمصنع.

أُنشئت شركة أبو زعبل للأسمدة الكيماوية عام 1947، وتختص فى إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، بالإضافة إلى بعض المنتجات الكيماوية الأخرى، مثل: كبريتات الكالسيوم الفسفورية والجبس الزراعي، الذي يستخدم في استصلاح الأراضي القلوية، بالإضافة إلى أعلاف فوسفات ثنائي الكالسيوم، ومزيلات الشحوم ومثبطات الصدأ، وموانع التآكل ومعالجة الغلاّيات، والأسمدة السائلة.

خُصخصت شركة أبو زعبل عام 2002، لصالح شركة “بولي سيرف” للأسمدة والكيماويات، التي اشترت كامل أسهمها بنسبة 100%، ثم تحوّلت أبو زعبل للعمل كشركة مساهمة مصرية بداية من عام 2004. يرأس مجلس إدارة الشركة (حتى تاريخ نشر هذا التحقيق) الدكتور شريف الجبلي، رجل أعمال مصري في مجال التجارة والصناعة، وهو عضو سابق بلجنة السياسات بالحزب الوطني، وهو أيضاً نجل وزير الزراعة السابق الدكتور مصطفى الجبلي، وشقيق الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة السابق.

الأصفر يكسو المباني

اكتست مباني عزبة سمك المقابلة للمصنع بغبار أحال ألوانها الأصلية إلى الأصفر، حتى أن الجدار الخارجي للمدرسة الابتدائية على مدخل العزبة تحول من اللون الوردي إلى الأصفر أيضاً، فلا تستطيع تمييز لافتة المدرسة التي تقع على مدخل “عزبة سمك”؛ نتيجة ترسبات الغبار المحمل بالمواد الكيماوية المنبعث من المصنع.

تؤكد الكيميائية نور مصطفى أن صناعة الأسمدة تنتج بعض الغازات؛ مثل: أكسيد الكبريت وغاز الأمونيا الذي يترسب على واجهات المباني؛ مغيراً لونها إلى الأصفر.

بدوي السيد، مهندس بإحدى شركات القطاع الخاص، يقول إن والده كان ضمن عمال هذا المصنع حتى بلغ سن التقاعد في عمر الـ 60 سنة، وإن والده كان يعاني حساسية الصدر المزمنة، التي يعانيها غالبية سكان المنطقة. ويشير “السيد” إلى أن مصنع أبو زعبل للأسمدة يستخدم مواد محجرية تأتي من مناجم بمنطقة السباعية بأسوان، هذه المواد عبارة عن كبريت أصفر اللون، يُستخلص منه حمض الكبريتيك المركز، ويدخل كعنصر أساسي في صناعة الأسمدة وبعض الصناعات الكيميائية الأخرى؛ ونتيجة لحرق “المواد الكبريتية” تخرج انبعاثات وأدخنة محملة بعنصر الكبريت، تتسبب في إلحاق الضرر بالمحاصيل الزراعية والمباني على حد سواء.

“أبو زعبل للأسمدة”… مشكلات بيئية مستمرة

واجهت الشركة مجموعة من المشكلات البيئية منذ الثمانينيات، تتعلق بالانبعاثات الضارة التي تتخطى الحدود القانونية المسموح بها، خاصة مع صدور قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994.

استمرت المشكلات البيئية للشركة حتى صدور قرار بتحويلها إلى شركة مساهمة -طبقا للقانون 109- وذلك في تموز/يوليو 2004.

في آب/أغسطس 2004، أجرت الشركة محاولة للتوافق البيئي، واستعانت بالمعمل المركزي لجامعة عين شمس؛ لعمل القياسات البيئية اللازمة لتحديد الموقف البيئي الفعلي للمصنع.

أوضحت نتائج القياسات البيئية للمصانع، التابعة للشركة أن الانبعاثات الترابية والغازية -في عدة مواقع إنتاجية- أكثر من حدود القانون في عديد من المواقع الإنتاجية. وفي كانون الثاني/يناير 2007، تقدّمت الشركة باستمارة مشاركة في المرحلة الثانية من مشروع “التحكم في التلوث الصناعي”.

منحة ضائعة

أعلنت وزارة البيئة المصرية أن برنامج التحكم في التلوث الصناعي في مرحلته الثانية، خلال الفترة من 2007 إلى 2016، سيدعم المنشآت الصناعية من أجل تحقيق التوافق البيئي.

فكرة المشروع تقوم على تقديم حزم تمويلية للقطاعين العام والخاص؛ بهدف مكافحة التلوث في المناطق الأكثر تلوثاً وتحسين ظروف البيئة الداخلية للمنشآت الصناعية، وتقديم الوسائل البيئية المناسبة، ورفع كفاءة ودور التفتيش البيئي على المؤسسات الصناعية المختلفة، وذلك بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي، والاتحاد الأوروبي، وبنك التعمير الألماني، والحكومة المصرية.

ووضعت وزارة البيئة المصرية بعض الشروط والمعايير لحصول المصانع والشركات على هذا الدعم، من بينها أن تكون لدى المنشأة مشكلة عدم توافق بيئي، ويؤدي تنفيذ المشروع المقترح إلى تحقيق التوافق البيئي، مع خفض 50 في المئة -على الأقل- لأحد الملوثات البيئية الخاصة بمجالات الدعم.

تقدمت شركة أبو زعبل للأسمدة بطلب تمويل ثلاثة مشروعات، بهدف تحقيق التوافق البيئي وتقليل حدة التلوث الناتج عن مصانع الشركة، وقد حصلت الشركة على الموافقات الرسمية المطلوبة.

بلغت التكلفة الإجمالية نحو 49 مليون دولار، تشمل مشروع التحكم في التلوث الصناعي، الذي تحمّل ما يقرب من 30 في المئة من إجمالي المبلغ المرصود للمشروعات الثلاثة. أُدرج مصنع “أبو زعبل للأسمدة” ضمن المصانع المستفيدة من المرحلة الثانية من مشروع “التحكم في التلوث الصناعي” الذي نُفذ في الفترة ما بين 2007 و2016، وفق تقارير وزارة البيئة المصرية.

مشروعات المنحة

المشروع الأول: تأهيل مصنع حامض الفوسفوريك

بلغت التكلفة الإجمالية المطلوبة لتنفيذ هذا المشروع نحو 29 مليون دولار، تحمّل مشروع التحكم في التلوث الصناعي ما يزيد على 8 ملايين دولار، من إجمالي تكلفة المشروع.

تضمنت أهداف المشروع إعادة تأهيل وحدات حامض الفوسفوريك، لرفع الإنتاجية وتقليل معدلات الغبار والغازات المنبعثة إلى الحدود القانونية المسموحة، عن طريق تغيير بعض المعدّات والآلات القديمة المتهالكة، مثل: المرشح وأجهزة الغسل والمبادل الحراري، والمضخات.

المشروع الثاني: تجديد مصنع “نيومان”

شمل هذا المشروع مصنع “ثلاثي سوبر الفوسفات”، بهدف تقليل انبعاثات الغبار في المصنع إلى المستويات القياسية المقبولة، وتحقيق إنتاجية أعلى؛ عن طريق استخدام نظام التحكم الموزع مع مراقبة الإنتاج ومعايير الانبعاثات.

بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع نحو 5 ملايين دولار، تحمّل منها مشروع التحكم في التلوث الصناعي نحو مليوني دولار.

المشروع الثالث: تجديد مطاحن الفوسفات

استهدف المشروع استبدال وتركيب وتشغيل مطاحن “الفوسفات الصخري” القديمة، الموجودة لدى الشركة قبل 40 عاماً من حصولها على المنحة.

الشركة كانت أقرت، خلال تقرير الحالة الذي أعلنته وزارة البيئة على موقعها الرسمي، أن المطاحن القديمة الموجودة لديها في حالة سيئة، وتتسبب في خروج كميات هائلة من الغبار، وأن تركيب المطاحن الجديدة من شأنه أن يقلل نسب هذا التلوث.

بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع الثالث 15 مليون دولار، تحمّل منها مشروع التحكم في التلوث الصناعي مبلغ 4.5 مليون دولار.

استمرار التلوث

على الرغم من ترويج الشركة أن من أهدافها تقليل نسب التلوث إلى الحدود القانونية المسموحة، بعد حصولها على تمويل لتنفيذ المشروعات الثلاثة؛ ظل الغبار والأدخنة الناتجة عن مصانع الشركة في تزايد مستمر، كما أوضح أهالي المنطقة، وأكدته الصور التي تمّ التقاطها خلال عمل المصنع.

وأوضحت الكيميائية نور مصطفى، أن تنفيذ المشروعات الثلاثة لشركة أبو زعبل للأسمدة من شأنه أن يعمل على انخفاض معدلات الانبعاثات والأدخنة الضارة إلى الحدود القانونية المسموحة، وكان من الممكن أن تختفي انبعاثات الأدخنة تماماً.

في جولة ميدانية قامت بها معدة التحقيق للمنطقة المحيطة بمصنع أبو زعبل للأسمدة، وثّقت خلالها أضراراً في المحاصيل الزراعية بالقرية، حيث يغطي الغبار الأصفر هذه المحاصيل، ما أدى إلى إتلافها بسبب المواد والانبعاثات الكيميائية الضارة؛ بالإضافة إلى بعض أهالي القرية الذين يعانون أمراضاً تنفسية مزمنة.

الصرف الصناعي الملوث

خلال جولتها التفقدية أيضاً، لفت انتباه معدة التحقيق الصرف الصناعي للمصنع، الذي يصب في ترعة الإسماعيلية، حيث يروي المزارعون من مياهها أراضيهم.

فيديو سحب المياه من الترعة وضخها مرة أخرى

أخذت معدة التحقيق عينة من مياه صرف المصنع؛ لتحليلها في أحد المعامل الحكومية المعتمدة.

أظهرت النتائج وجود نسبة مرتفعة من عنصر الألومنيوم داخل مياه ترعة الإسماعيلية، تخطت 201 غرام/ لتر، وهي نسبة مرتفعة من شأنها أن تؤثر سلباً في نمو النباتات والمحاصيل الزراعية المختلفة.

يعلق الدكتور هشام سرور، أستاذ الكيمياء الفيزيائية والبيئية على النتائج بالقول: “إن عنصر الألومنيوم يزيد بمقدار كبير في العينة، موضحاً أنه عندما يتجاوز تركيزه الحدود الطبيعية، يتحول إلى أكسيد الألومنيوم السام؛ الذي يُسبب الزهايمر، وأنواعاً متعددة من السرطانات، ومنها سرطان الثدي.

أما عن علاقة عنصر الألومنيوم بصناعة الأسمدة، يوضح سرور أن المخلفات السائلة التي تخرج من مصانع الأسمدة تأتي من عدة مصادر؛ من بينها عمليات التشغيل لمنتجات جانبية، مثل تنظيف الآلات -خاصة إذا كانت مكوناتها بها فلز الألومنيوم- والنقل بين تشغيلة وأخرى، وهذا مصدر أساسي لوجود الألومنيوم فى مياه الصرف.

هذه المياه المُنصرفة بما تحمله من ألمونيوم تروي المزارع المتاخمة لها، وهو ما يعلق عليه سرور بأن التربة الزراعية تختزن عنصر الألومنيوم النشط، الذي تُثبط زيادة تركيزه نمو النباتات.

التخلص من الصرف الصناعي من دون معالجة

تتقاطر الناقلات البحرية في ترعة الإسماعيلية المقابلة لـ”أبو زعبل للأسمدة”، حاملة المواد المحجرية القادمة إلى المصنع من مناجم السباعية بمحافظة أسوان، وعبر ناقل معدني ضخم يمتد ما بين المصنع والترعة، كانت تُنقل هذه الأحجار الكبريتية إلى داخل صوامع المصنع، التي تنصهر في أفران معدة لعمليتي التكثيف والتبريد.

ويُعتمد في عملية التبريد على مياه ترعة الإسماعيلية، قبل أن يعاد ضخها إلى الترعة مرة أخرى، ولكن هذه المرة محملة برواسب هذه العملية من دون معالجة.

حسرة المزارعين بسبب تلف المحاصيل

يتفقد علاء بيومي بحسرة المحاصيل التالفة في قطعة أرضه الصغيرة، المجاورة لمصنع الأسمدة.

“بيومي” أب لخمسة أبناء، بالإضافة لزوجته ووالدته، فهو يعول 7 أفراد يعتمد في إعالتهم على محاصيل قطعة الأرض هذه، التي ورثها عن عائلته، ومعاش قيمته ألفا جنيه مصري، موضحاً أن هذا المبلغ لا يكفيه وأسرته للحصول على متطلبات الحياة الأساسية.

“تبقى أرضنا… ولا نستطيع أن نأكل منها”، يقولها بيومي بحسرة، مشيراً إلى سبلات الأرز التي وقف نموها، وقد مضى على غرز بذورها أكثر من مئة يوم، وهي مدة كافية ليكتمل نموها ويخرج المحصول.

يُلقي المزارع الخمسيني باللوم على مصنع الأسمدة في حرق محصوله وإتلافه أربع مرات، بسبب غبار المصنع الذي يسقط على أرضه وما بها من محصول.

في هذا الصدد يقول دكتور هشام سرور، أستاذ الكيمياء الفيزيائية والبيئية بمعهد بحوث وقاية النباتات، إن الغبار المحمّل بالكبريت المترسب على المزروعات، يتفاعل مع بخار الماء الموجود في الجو؛ ما يؤدي إلى حرق المحاصيل.

ليس بيومي وحده مَن يشكو إتلاف محاصيله، التقت معدة التحقيق أيضاً، سعيد خالد (43 سنة)، وهو يمزق بيديه أعواد الذرة وسط أرضه الممتلئة عن آخرها بثمار الذرة التالفة؛ بسبب غبار المصنع. “استأجرت الأرض منذ 5 سنوات، بغرض زراعتها… وكل سنة المحصول يتحرق بسبب المصنع”، يقول خالد بنبرة غاضبة، مشيراً إلى خسارته التي لا تعوض بعد أن أنفق على محصوله كل ما يملك.

تلوث مستمر ورقابة غائبة

بمجرد انقضاء المرحلة الثانية من مشروع التوافق البيئي لمصنع أبو زعبل للأسمدة، تقدم النائب عن محافظة القليوبية محمد مدينة بطلب إحاطة عن استمرار الانبعاثات الملوثة الناتجة عن مصنع الأسمدة.

وصل الأمر لذروته، عندما استيقظ الأهالي في 8 كانون الثاني/يناير 2018، على رائحة انبعاثات تغلف فضاء القرية. وقتها، وجهت محطة الرصد بمنطقة أبو زعبل خطاباً رسمياً إلى إدارة الصحة المهنية بمحافظة القليوبية، يفيد بوجود انبعاثات لغاز الكربون، وثاني أكسيد الكربون في المنطقة.

بعدها، تقدّم النائب السابق محمد صدقي هيكل بطلب إلى رئيس مجلس النواب السابق؛ لإيقاف عمليات المصنع كافة، لكن من دون استجابة على الأرض، حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.

يقول “السيد” والأهالي الذين التقينا بهم، إن المصنع يعمل ليلاً تجنباً للرقابة، مطلقاً أدخنة وغازات ضارة، وقد نشر أهالي أبو زعبل صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر انبعاثات غازية من المصنع في ساعات متأخرة من الليل.

طابقنا -باستخدام الأقمار الاصطناعية- هذه الصور مع موقع المصنع؛ لنتحقق من أن الأدخنة ناتجة عن مصنع أسمدة أبو زعبل بالفعل.

كما يبين أرشيف صور “غوغل إيرث” أن الأدخنة ظلت تتصاعد من المصنع، حتى بعد انتهاء المرحلة الثانية من مشروع “التحكم في التلوث الصناعي”. كما التقطت معدة التحقيق صوراً حديثة للأدخنة الكثيفة التي يُصدرها المصنع.

تسببت مثل هذه الأدخنة في انسحاب وزيرة البيئة ياسمين فؤاد سريعاً من محيط مصنع أبو زعبل، قبل أن تستكمل جولتها التفقدية للمصنع، فلم تستطع تحمل الأدخنة والأتربة.

ودفعت شكاوى أهالي المنطقة النائب رضوان الزياتي إلى تقديم طلب إحاطة حول مطابقة المصنع للشروط البيئية، وتتمثل هذه الشكاوى في تكرار حالات الإصابة بالأمراض الصدرية في محيط المنطقة؛ وثّقنا منها ثلاث حالات.

يعدد الدكتور إيهاب عبد المعطي، استشاري أمراض الصدر بمستشفى القصر العيني المصري، المكونات الغازية الضارة المنبعثة من مصانع الأسمدة؛ من بينها الأمونيا واليوريا وحمض الكبريتيك والميثانول، وغيرها من المركبات الدقيقة التي تخترق الرئتين، وتسبب عدداً من الأعراض التي تبدأ بالربو وتصل إلى التحجر الرئوي؛ الذي معه تفقد الرئتان القدرة على العمل.

كان من الصعوبة بمكان تحليل عينات الهواء المحيط بالمصنع؛ في ظل صعوبة الحصول على ترخيص بخروج أجهزة قياس تلوث الهواء.

وهنا كان يجب علينا أن ننتقل إلى الأراضي الزراعية الواقعة على الناحية الشرقية من المصنع؛ لتحليل مزروعاتها بما يعلق عليها من ذرات غبار المصنع.

موت المحاصيل


بمساعدة أهالي عزبة سمك، حصلنا على عينة من بعض مزروعات العزبة، وبعد تحليلها من قبل مختصين بأحد معامل الدولة، تبين ارتفاع نسبة الحديد داخل عينة النبات، فكان نصيب ورقة النبات الواحدة 337.30 غرام.

يقول المهندس الزراعي محمد عبد الكريم، إن النسبة المسموح بها للحديد في نبات القلقاس، هي 72 مللي/غرام، مضيفاً أن الحديد لا ينبغي أن يزيد على الحد المسموح به؛ حتى لا يحدث ما يعرف بـ “سُمية النبات”؛ أي إنتاج مواد من شأنها تدمير مادة الكلوروفيل، ما يعطل العمليات الفسيولوجية التي يقوم بها النبات.

 ويشير إلى أنه يترتب على ارتفاع نسبة الحديد في المزروعات، نقص الإنتاج، أو إنتاج محاصيل فاقدة للعناصر الأساسية لنموها.

بينما يمر موسم الحصاد على محاصيل بيومي وخالد التالفة، وتستمر معاناة أهل “أبوزعبل” من أمراض الصدر المختلفة، تعلن وزارة البيئة -في حصاد 2022- عبر الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات، عن استمرارها في دعم مصنع “أبو زعبل للأسمدة”؛ لتنفيذ عدد من مشروعات التوافق البيئي.



بالتعاون مع اريج.