جار التحميل ...

خمس سنين ودايمًا واقفين


يحمل تاريخ اليوم 15 أكتوبر 2025، رمزيتين في الآن ذاته بالنسبة لتوالى. فمن جهة هو تاريخ عودة الجريدة إلى النشر بعد خمسة عشر يومًا من التعليق، ومن جهة أخرى يُصادف الذكرى الخامسة لتأسيس وسيلتنا الإعلامية. وبالمقابل، يجسد هذا التاريخ ذو الدلالة الكثيفة والمعبرة: هشاشة هذا المشروع واستمراريته في آنٍ واحد. مشروع وُلد من قناعة راسخة: ممارسة الإعلام بحرية، في بيئة مجبولة على جعل الحرية أصعب كل يوم.

منذ انطلاقها، تجاوزت توالى العديد من التحديات.  

ففي الأسابيع الأولى من حياة الموقع، أي قبل خمس سنوات، تعرضنا لحجب دام اثنتين وسبعين ساعة من قبل شركات الاتصالات، في محاولةٍ لتطويع صوتٍ جديد في المشهد الإعلامي. لاحقًا، جُمّد سجلّنا التجاري لمدة شهرين ونصف، نتيجة تعسف إداري. عندها اضطررنا إلى اللجوء إلى العدالة للاعتراف بحقنا في الوجود قانونيا. أما فريقنا فبدوره واجه أقسى تجربة إنسانية: السجن التعسفي لمدة ثمانية أشهر لأحد مؤسّسي الموقع، وهي محنة تركت أثرا عميقا في مجموعتنا، لكنها لم تكسرها أبدا ولم تثنها.

وأخيرًا، وقع على جريدتنا قرار تعليق النشر في الوقت الذي كان فيه قرائنا يستعيدون تفاعلهم معنا، فقطع التعليق هذا الزخم الذي بُني بجهد صحفيينا وفنيينا ومساهمينا وصبرهم.

ورغم كل ذلك، ها نحن اليوم نستأنف عملنا بالعزيمة ذاتها التي نحملها منذ يومنا الأول.

ورغم بيئة سياسية واقتصادية غالبا ما تهدد الصحافة المستقلة، تظل توالى وفيّة لرسالتها الأصيلة في ذاتها: إعلام جمهورنا من دون أن نستسلم للإحباط أو المساومة. 

ونود أن نُعَبّر عن امتناننا الصادق لقُرّائنا وقارئاتنا الذين، خلال فترة الغياب القسري هذه، اختاروا الاشتراك في موقعنا أو تصفّح أرشيفنا دعما لنا وتضامنًا معنا.

إنّ دعمكم هو الدليل على أنّ حياة الجريدة تنبع أساسا من الثقة التي يمنحها لها من تُخاطبهم فيُطالعونها.

في هذه المرحلة الجديدة، نتّخذ خيارًا واضحًا: أن نُعلِم بشكلٍ أفضل بدلًا من أن ننشر أكثر. مواردنا محدودة، لكننا سنكرّسها لإنتاج محتوى عالي القيمة، يُسلّط الضوء على قضايا المجتمع والاقتصاد والثقافة والشأن العام. وفي المقابل، سنُقلل من حجم المنشورات المتعلقة بالنشاط الحكومي ومعالجة البيانات الرّسمية، وهي مادة كنا نوفّرها التزامًا بمهمتنا في الخدمة العمومية، لكنها لا تلبّي طلبات قرائنا ولا توقعاتهم.

هذا النوع من المعلومات متاح بحرية في أماكن أخرى، أمّا نحن فواجبنا هو أن نقدّم ما لا ينشره الآخرون، أو ما لا يستطيعون نشره.وبعد خمس سنوات من تأسيسها، لم تتوقّف توالى يومًا عن أن تكون ما أرادت أن تكونه: جريدة حرّة، واعية، ومسؤولة.

نستأنف عملنا بتواضع وثقة، وبالتزامٍ صادق لاستحقاق ثقتكم وقراءتكم كما عهدتمونا.