هيئة دولية لمكافحة غسل الأموال التي أخرجت الإمارات العربية المتحدة من “قائمتها الرمادية” ستقوم بمراجعة النتائج التي توصلت إليها التحقيقات الأخيرة التي أجرتها OCCRP وشركاؤها الإعلاميون، والتي كشفت أن مجرمين مدانين وهاربين وأفراد خاضعين للعقوبات يمتلكون عقارات في دبي.
في فبراير، مجموعة العمل المالي (فاتف) (FATF) المتمركزة بباريس، قررت سحب الإمارات العربية المتحدة من قائمتها للدول التي فشلت في اتخاذ تدابير كافية ضد غسل الأموال وتمويل الإرهاب. لكن التحقيق الذي نُشر في مايو بعنوان “مفاتيح دبي“ أثار تساؤلات حول هذا قرار.
والآن، تقول مجموعة العمل المالي أن خبراءها سينظرون في التحقيق الصحفي وسيأخذون في الاعتبار نتائجه عندما يقيمون مرة أخرى جهود الإمارات في مكافحة غسل الأموال.
وقال رئيس المجموعة راجا كومار في مقابلة مع شريك OCCRP، موقع E24،: ” (الخبراء) سوف ينظرون في المعلومات العامة المتاحة. ما قمتم به على مستوى التحقيق سيكون كله معلومات عامة سيتاح لهم الاطلاع عليها”.
كما كشف الصحفيون في التحقيق كيف يشجع وكلاء العقارات الزبناء على الدفع نقداً عند شراء العقارات ولا يسألون كثيراً عن مصدر الأموال ، بما يتعارض مع معايير مجموعة العمل المالي.
وقال كومار إن هذا سيتم النظر فيه أيضاً في التقييم القادم.
وأضاف كومار: “يتعين على المحامين والمحاسبين ومقدمي خدمات الشركات ووكلاء العقارات القيام بدورهم لضمان الامتثال الكامل لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
واختتم قائلا: “سنحاسب الإمارات على الإجراءات التي اتخذتها أو فشلت في اتخاذها”.
في عام 2020، حثت مجموعة العمل المالي دولة الإمارات العربية المتحدة “على اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التدفقات المالية الإجرامية التي تجتذبها”. وبعد عامين، لما وجدت فرقة العمل أن جهود الإمارات كانت غير مرضية، وضعت البلاد على قائمتها الرمادية، مما يعني زيادة مراقبة المجموعة للدولة والتدابير التي تتخذها لمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
لكن في بداية هذا العام، أعلنت المجموعة أن الإمارات حققت “تقدماً كبيراً”، بما في ذلك تحسينات في القدرة على التحقيق مع المخالفين ومقاضاتهم. فسحبت البلد من القائمة الرمادية.
وقد أثار هذا القرار ردود فعل سلبية من النقاد.
استدل نواب البرلمان الأوروبي بأن الدولة الخليجية لا تزال مركزاً عالمياً لغسل الأموال. وحذر سليمان بلدو، مدير المرصد السوداني للسياسات والشفافية ، وهي منظمة لمكافحة الفساد، من أن الأموال التي يتم غسلها في الإمارات تمول صراعات أيضاً.
وقال لـ OCCRP في مارس : “إن إزالة الإمارات العربية المتحدة من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي تبدو محيرة ، بالنظر إلى الأدلة المبلغ عنها التي تشير إلى أن الذهب المهرب من إفريقيا إلى دبي يستخدم لتمويل حروب أهلية مستمرة في السودان وكذلك في دول اخرى من جنوب الصحراء الكبرى”.
وأفادت مجلة فورين أفيرز أن إمارة دبي “أصبحت وجهة للذهب المستخرج من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع (RSF)”. وهي إحدى الجماعات المشاركة في الحرب الأهلية في السودان، والتي تقول الأمم المتحدة إنها تسببت في تشريد حوالي 11 مليون شخص من منازلهم منذ أبريل 2023.
كانت مجموعة العمل المالي على دراية بالمشكلة في عام 2023 وأشارت في تقريرها إلى أن أحد “أخطر القطاعات” في الإمارات هو ” التربح غير المشروع لتجار المعادن الثمينة “
ورداً على نتائج تحقيق “مفاتيح دبي”، قالت الإمارات من خلال سفارتيها في المملكة المتحدة والنرويج إنها “تأخذ دورها في حماية نزاهة النظام المالي العالمي على محمل الجد”.
ولكن مايرا مارتيني من منظمة الشفافية الدولية (Transparency International) تساءلت عن سبب عدم تحرك السلطات الإماراتية قبل أن ينشر الصحفيون ما كشفوه.
وقالت: “معظم الحالات التي كشف عنها الصحفيون تستند إلى البيانات المتاحة للسلطات الإماراتية”.
وأضافت مارتيني “آمل أن تطرح (مجموعة العمل المالي) أسئلة حول إخفاقات السلطات الإماراتية في هذه الحالات”.