جار التحميل ...

تركيا مركز الزلزال وسوريا مركز الكارثة !

من المرجح أن لتركيا بنية إنقاذية تحتية مقبولة وقادرة على استيعاب المساعدات الدولية وإدماجها في عمليات الإنقاذ، لكن السؤال الأكبر يطرح حول سوريا. الانقسام والعقوبات والجماعات الإرهابية ستكون عوامل معيقة لعمليات الإنقاذ والإغاثة.


 أول ما لفت انتباهنا حين زرنا ريفي حلب وإدلب قبل عشر سنوات من اليوم، وفي ذروة الحرب التي كانت دائرة هناك، هو هشاشة المباني. دُهشنا، نحن الذين اختبروا حرباً أهلية في بلادهم ويعرفون حدود الدمار الذي تلحقه قذيفة مدفعية بمبنى، من قدرة القذيفة ذاتها على إحداث حجم أكبر من الدمار في تلك البلاد.

لا تكتفي القذيفة الواحدة في إدلب بتصديع الجدار، إنما تتسبب باختلال المبنى، حينها فسر السكان والمقاتلون ذلك بأن الرقابة على عملية بناء المنازل والمباني منعدمة، وبناء عليه، نتوقع أن الكارثة، أي الزلزال الذي امتد إلى سوريا، ستفوق قرينتها في تركيا، على رغم أن مركز الزلزال في الأخيرة.

تركيا مركز الزلزال، وسوريا عين الكارثة! لا تقتصر المأساة على حجم الدمار، ذاك أن إرباكاً كبيراً يفترض أن تشهده عمليات الإغاثة في ذلك البلد. فمن جهة قد تَعتبر الكثير من دول العالم أن حكومة النظام السوري ليست جهة صالحة لاستقبال المساعدات وفرق الدعم، ومن جهة أخرى، سيتولى انقسام المناطق المنكوبة بين سيطرة جيش النظام وسيطرة تنظيمات مصنفة إرهابية مثل “جبهة النصرة”، إحداث فوضى معيقة لعمليات الإغاثة.

 ثم إن وقوع الزلزال على خطوط جبهات عسكرية مفتوحة، ستكون له آثاره الكارثية المضاعفة، فيما لم يختبر العالم سابقة من نوع زلزال أصاب مناطق حرب وحصار وعقوبات على طرفي الجبهة. فنحن في شمال سوريا حيال نظام معاقب دولياً من جهة، وفصائل مصنفة إرهابية من جهة أخرى. أما الطامة الكبرى، فتتمثل في أن البلد المجاور المرشح للدور الأبرز في عمليات الإغاثة غارق بكارثته التي لم يتمكن أحد حتى الآن من تحديد حجمها!

ما وصلنا حتى الآن من ريفي إدلب وحلب يكشف حجم الكارثة! تواصلنا مع أصدقاء لهم أهل هناك. زميلنا محمد المقيم في باريس قال لنا إن أهله نجوا، لكن منازلهم تدمرت. هم الآن في الشارع. أما علي، وهو من بلدة أتارب، فشقيقته لاجئة أصلاً إلى غازي عينتاب، فيما شقيقته الأخرى ما زالت في الأتارب. الكارثة أصابته على طرفي الحدود. الكارثة حتى في جزئها التركي أصابت سوريا، ذاك أن حوالي مليون سوري يقيمون بصفتهم لاجئين في المدن التركية المنكوبة التي أصابها الزلزال، كأورفة وغازي عينتاب وهاتاي، ومن المرجح أن بين الضحايا في هذه المدن عشرات السوريين.

عمليات الإنقاذ لم تكد تنطلق بعد، لكن من المرجح أنه لتركيا بنية إنقاذية تحتية مقبولة وقادرة على استيعاب المساعدات الدولية وإدماجها في عمليات الإنقاذ، لكن السؤال الأكبر هو حول سوريا. الانقسام والعقوبات والجماعات الإرهابية ستكون عوامل معيقة لعمليات الإنقاذ والإغاثة، ناهيك عن الفساد الذي ينخر المؤسسات على طرفي الفالق السوري.

النظام لن يعتبر أنه معني بالإنقاذ في مناطق لا تشملها سيطرته، أما في مناطق سيطرته فستكون الإغاثة بمستواها الأدنى. في المقابل، الفصائل التي تسيطر على إدلب المدينة ومحيطها وعلى ريف حلب، ليست جهة صالحة لاستقبال المساعدة ولتنظيم عمليات الإغاثة


تنشر هذه المادة بالتعاون مع درج daraj.com في لبنان.