جار التحميل ...

سيدات النادي الرياضي القسنطيني، هدف في مرمى المجتمع أولا

من أجل شغفهن بسحر المستديرة تتحدى سيدات النادي الرياضي القسنطيني الكثير من المضايقات الذكورية من تنمر و تحرشات.


الصورة للنادي الرياضي القسنطيني.

ترى رانيا فرقاني إحدى اللاعبات السابقات للنادي ، أصيلة مدينة قسنطينة أن أفضل طريقة تفرض بها كرة القدم النسوية نفسها في مجتمع محافظ لا يزال يرى أنّ هذه الرياضة  حكر على الرجال ، هي ” العمل بجدية و حصد أكبر عدد من الألقاب و المشاركات القارية و الدولية و لما لا ألقاب قارية و دولية ، إضافة الى التكوين المستمر ، يومها ستنال المكانة التي تستحقها “.

 و عن ردة فعل عائلتها إزاء ممارستها للمستديرة تقول ” لقد لاقيت كل التشجيع من عائلتي خاصة والدي. كم كان يحس بالفخر يوم حملت ألوان المنتخب الوطني لأقل من 17سنة خلال البطولة العربية. كان يخبر الجميع بأن تلك اللاعبة هي..ابنته“.  

و تروي خلود ورناني لاعبة النادي الرياضي القسنطيني صاحبة 19 سنة أصيلة الجزائر العاصمة بفخر كيف تدرجت في مختلف الفئات العمرية لممارسة كرة القدم التي بدأتها في الشارع في سن 10 العاشرة. و تقول أن عائلتها ” تقبلت ذلك بصدر رحب و شجعتني لأواصل مشواري ، عكس أخي الذي لم يتقبل ذلك حتى شاهدني لأول مرة على التلفاز ضمن التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني“.

رغم هذا، تضيف خلود، ”  فقد واجهت بعد الرفض من عائلتي يوم قررت اللعب للنادي الرياضي القسنطيني ، إذ لم يتقبل والدي بسهولة فكرة تنقلي لولاية أخرى و كنت مجبرة على القيام ببعض التضحيات من أجل التقدم في مسيرتي الرياضية. و اليوم والدي جد فخور بما أصبحت عليه “.

أما عن المجتمع فتقول ” لم يتقبل الجزائريون بعد أن تشاركهم النساء  كرة القدم و لازالوا ينظرون نظرة سوء للاعباتها هنا ، لكن ذلك لن ينقص شيئا من عزيمتنا ” .

نفس الفكرة دافعت عنها زينب قندوسي ابنة ولاية النعامة التي تلعب موسمها الأول بألوان النادي الرياضي القسنطيني بعد أن تنقلت هي الأخرى بين عديد النوادي انطلاقا من فريق آفاق غليزان ، مرورا بكل الفئات العمرية ، تحصلت فيها على العديد من الألقاب.

وترى زينب أن فكرة المجتمع عن لاعبات كرة القدم لازالت ” متحجرة “. ” كثيرا ما نسمع بلاصتك في الكوزينة (مكانك في المطبخ)، الكرة ماشي تاعكم ،  لكن ذلك لا يهم كثيرا خاصة عندما نصادف آخرين يشجعوننا على ممارسة رياضتنا المفضلة ، بل و يفرحون لأننا نمثل ألوان  السياسي (النادي الرياضي القسنطيني). أضف إلى ذلك مساندة عائلتي الدائمة، فوالدتي تطير فرحا في كل مرة أحقق فيها لقبا وهذا يكفيني“.

تأسس فريق سيدات النادي الرياضي القسنطيني بتاريخ 8 جوان 2004 من طرف المدربة راضية فرتول ، تحت مسمى ” فتيات وئام قسنطينة “، ليستمر بهذه التسمية حتى شهر ماي 2022 أين أمضت فيه المدربة اتفاقية الدمج مع شركة أشغال آبار المالكة للنادي الرياضي القسنطيني ، ليبدأ الفريق تحضيراته للبطولة الوطنية بتاريخ 1 أوت 2022 كأول فريق محترف بالجزائر.  

وينشط فريق سيدات النادي العتيد في البطولة الوطنية للهواة حاليا ، على أن تتحول إلى البطولة المحترفة للسيدات ابتداء من الموسم القادم ، بالقسم الممتاز  وإضافة لفريق كبريات سيدات النادي نجد فريقين في فئتي أقل من 17 سنة و أقل من 20 سنة ، تم تأسيسهما سنة 2011.

إرادة حديدية

قدم فريق ” فتيات وئام قسنطينة “، سابقا ويقدم ” النادي حاليا “، لاعبات دوليات في مختلف أصناف المنتخب الوطني ، حيث استدعى الناخب الوطني للسيدات فريد ستيتي لاعبتي النادي الرياضي القسنطيني كبريات ،المهاجمة ايمان مروش ، و المدافعة فوزية باكلي للمشاركة في التربص التحضيري لتصفيات كأس أمم افريقيا لسنة 2024 بالمغرب التي ستنطلق في غضون أشهر.

 وللفريق سجل حافل بالإنجازات في صنف الكبريات حيث تحصلن على كأس السوبر لسنة 2016 ، لقب البطولة الوطنية لسنة 2018 ، كأس الجمهورية لسنة 2018 ، كأس الرابطة 2019 ، كما نشطن نهائي كأس الجمهورية 7 مرات ، و نهائي كأس الرابطة مرتين ، و نلن وصافة البطولة الوطنية 3 مرات.

أما في الأصناف الشبانية الأقل من 17 و 20 سنة ، فللفريق أيضا تتويجات مهمة حيث حققن لقب البطولة لأقل من 20 سنة 3 مرات، سنوات 2011، 2013 و 2016، وصافة البطولة الوطنية لأقل من 20 سنة مرة واحدة ، تنشيط نهائي كأس الجمهورية لأقل من 20 سنة مرتين ، لقب البطولة الوطنية لأقل من 17 سنة في 2016 ، تنشيط نهائي كأس الجمهورية لأقل من 17 سنة مرة .

يستقبل الفريق منافسيه في البطولة و الكأس بملعب الشهيد بن عبد المالك رمضان الذي يتوفر على أرضية و مدرجات و مرافق ملائمة ، كما يجري أغلب تدريباته في ذات الملعب ، في أجواء رياضية تسودها الجدية في العمل، و روح الفريق و العمل الجماعي رغم الاختلافات في اللهجة و العقلية التي خلقت بعض الصعوبات في بداية الأمر للمدربة راضية فرتول التي تؤكد من جهتها على تجاوز كل الاختلافات بين اللاعبات بعد توفير أجواء حميمية بين جميع عناصر الفريق القادمات من مختلف ولايات الوطن حيث يضم الفريق 13 لاعبة من ولايات الجزائر العاصمة ، تيزي وزو ، النعامة  ، بويرة ، بجاية ، غليزان ، الشلف ، تلمسان و سكيكدة.

تستحوذ كرة القدم على عرش الرياضات الأكثر شعبية بلا منازع في الجزائر ولا يوجد من ينافسها على هذه المكانة، فالجزائريون يعشقون كرة القدم، ومنذ زمن بعيد. غير أن كرة القدم في البلد ظلت لعبة رجال ، ويبدو أن نظرة الاستخفاف الذكورية تجاه كل ما هو أنثوي مازالت تسيطر على عقلية بعض مسؤولي كرة القدم في الجزائر، سواءً على الصعيد الرسمي أو حتى على صعيد الأندية.

فرغم انجازات فريق سيدات النادي القسنطيني ، و رغم إصرار القائمين عليه على ترقية كرة القدم النسائية ، يبقى يعاني ، حاله حال الفرق التسعة النسائية الأخرى الناشطة في بطولة القسم الممتاز ، عديد العراقيل و المشاكل ، حيث تصارع السيدات تقريبا و بشكل يومي من أجل افتكاك حصص تدريبية داخل ملعب بن عبد المالك الذي تتقاسمن أرضيته أثناء التدريبات  مع فرق رجالية تنشط في البطولة الثانية أو غيرها ، و في بعض المرات تضطررن للتدرب ليلا ، حيث يرفض مسيرو الملعب إشعال الأضواء أثناء الفترات التدريبية لسيدات النادي القسنطيني ، عكس ما يحدث عندما تكون حصص تدريبية خاصة بالفرق الرجالية.

كما تشتكي الفرق النسائية الناشطة في بطولة القسم الممتاز من غموض البرمجة بين البطولة و الكأس ، إضافة إلى برمجة أغلبية المباريات في وقت مبكر بين 9 و 10 صباحا ، زيادة على الوضعية الكارثية لغالبية الملاعب التي لا تستوفي أدنى شروط احتضان المنافسات الرياضية. زد على ذلك التهميش و غياب التغطية الإعلامية رغم التتويجات و الألقاب .

تٌلزم الهيئات الكروية ممثلة في الفيفا و الكاف جميع الاندية المحترفة في العالم بامتلاك فروع نسائية ، طلب استجابت له تقريبا كل اتحادات كرة القدم في العالم عدا بعض الاتحادات في افريقيا و أمريكا الجنوبية ، هذا و قد هددت الهيئة الأولى لكرة القدم في العالم بتسليط عقوبات على من يخالف هذه التعليمات التي ترمي الى تطوير كرة القدم النسائية التي بدأت تجد مكانها في أوساط جماهير عشاق المستديرة .

 في هذا السياق، لازالت كرة القدم النسائية في الجزائر تكافح لتفرض نفسها في ظل الكثير من المشاكل الادارية و البيروقراطية ، و بعض المعارضة من المجتمع. ويسعى القائمون عليها إلى عرض وجودها كما هو الحال مع سيدات النادي الرياضي القسنطيني بقيادة مدربته و مؤسسته راضية فرتول التي تطمح، حسب قولها، الى الارتقاء بكرة القدم النسائية في الجزائر لتنافس نظيراتها في العالم.