ستصبح “توالى” جريدة بالاشتراك بدءا من الأسبوع المقبل. إذ تمثل الاشتراكات قاعدة نموذجنا الاقتصادي. وإذ نعتمد كثيرا على جمهورنا الذي نضعه في قلب مشروعنا التحريري، نقدر كثيرا تفهمه بأن إنتاج معلومة ذات جودة يتطلب جهدا يجب دفع مقابل من أجله.
لا يمكن لأي بلد أن يتطور من دون صحف حقيقية. فلمحاربة الأخبار الزائفة حقًا، يجب أن تكون قادرًا على إنتاج أخبار صحيحة. وفي هذا الشأن يبقى السؤال المحوري هو: بأي ثمن؟
ليس للمعلومة ذات الجودة ثمن و إنما لها كلفة عالية. وما يجب فعله هو العمل على النموذج الاقتصادي لوسائل الإعلام بمختلف أشكالها. فهناك صحافة واحدة مهما تعددت الوسائط التكنولوجية. وشرط الصحافة المستقلة والنزيهة هو التوازن المالي.
و من هنا، نجد أنفسنا أمام تحدي تمويل الصحافة. أشكال تمويل الصحافة معروفة ولسنا هنا بصدد ابتكار العجلة. لنُذكّر بها، وباختصار:
هناك التمويل العمومي من ميزانية الدولة عن طريق المعونات التي تأخذ شكلا مباشرا في الجزائر ونحن نرفضها ونناضل من أجل حذفها فهي تمس بقواعد المنافسة، تُعرّض الناشرين للابتزاز وآثارها ضارّة بالنسبة لاستقلالية المحتوى. وهناك رأس المال الخاص الذي، وإن ساهم في بناء عدة مؤسسات إعلامية، يبقى بحكم المنظومة الريعية للدولة رهين الحسابات السياسية لصاحب القرار في توزيع الريوع.
فإن كان رأس المال الخاص يبقى ضروريا من أجل تطوير الصحافة، فالبيئة التي تنشط فيها وسائل الإعلام لا تحفز كثيرا على الاستثمار في هذا المجال لغياب أدنى شروط المنافسة التي تفترض الأداء الجيد و احترام آداب المهنة و قواعدها الأخلاقية. والحكم هنا هو الجمهور الذي يدفع مقابل ما يستهلكه من محتوى وكذلك المعلنون الذين يشترون مساحاتها الاشهارية.
وتكمن قوة وسائل الإعلام في احترافيتها ومصداقيتها وهذا ما يفترض أن يدر مداخيلها من خلال بيع المحتوى أو المساحات الاشهارية. وهنا يكمن الخلل في الجزائر، إذ تغيب الشفافية ولا يخضع اختيار المساحات الاشهارية للعقلانية الاقتصادية وإنما لقواعد غير مهنية مثل المحسوبية و الكياسة أو تحييد الصحف “المزعجة”.
هناك نوعان من الصحف الإلكترونية التي تمكنت من كسب مكانة في السوق الجزائرية. تلك التي تعيد كتابة ما تنتجه الدوائر الحكومية والمؤسسات التجارية من أخبار عبر بياناتها الصحفية و لا تستثمر سوى في تحسين مراتبها في محركات البحث من أجل تبرير الإشهار غير المجزي الذي تتحصل عليه عن طريق علاقاتها. و تلك التي تخلط وظيفتها الإعلامية بنشاطات أخرى موازية مثل الاتصال والعلاقات العامة و حتى الاستخبارات الاقتصادية من أجل تمويل عملها الصحفي.
ستستمر هذه الصحف ما استمرت شبكات علاقاتها. و الخلاصة هي أن القليل من الصحف تكافح و تجتهد اليوم من أجل إنتاج ربورتاجات و تحقيقات ومقالات معمقة و دقيقة أو حتى مساءلة ما يصلُها من أخبار. فلا بد من وجود صحافة حتى تكون هناك صحف حقيقية ولهذا ندعو جمهورنا إلى الاشتراك حتى يستثمر في صحافة تنتج معلومات ذات جودة. فلكل جمهور الصحف التي يستحقها.
نحن لا نعد جمهورنا بأن نكون أول من يأتي بالمعلومة ولكننا ملتزمون بموثوقيتها والتعمّق فيها، والذهاب إلى ما هو أبعد من العنوان الذي يُولّد التفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا في وقت أصبحت فيه المعلومة ذات الجودة نادرة.
فعلا، فالصحافة اليوم ضرورية أكثر من أي وقت مضى. وهذا سبب وجودنا. سنعمل بالإمكانيات المتاحة لتقديم محتوى مفيد لجمهورنا.
لن يتمكن قراؤنا في الخارج و هم يمثلون أكثر من نصف جمهورنا من دفع الاشتراكات ابتداء من أول أسبوع و هذا بسبب تأخر البنك الشريك في وضع التطبيق الخاص بالعملات الأجنبية الذي يمكنهم من دفعها. ولا يوجد بنك في الجزائر لديه حل عملي في الوقت الحالي. نعتذر لقرائنا في الخارج ونطلب منهم الانتظار بضعة أسابيع وفقًا لتوقعات البنك.
كان قرار فرض الاشتراكات بما توفر من حلول تقنية صعبا لكن هذا خارج عن نطاقنا وكان لا بد منه من أجل الاستمرار في إنتاج المحتوى.
سيبقى موجز الأخبار مجانيا ولكن يتطلب تصفح باقي الجريدة بأقسامها التسعة دفع اشتراك. فالاشتراكات تمثل قاعدة نموذجنا الاقتصادي الذي وإن كان جزء منه يقوم على الإشهار التجاري فإن هدفنا هو أن نبقي هذا الجزء ضئيلا في معادلة استقلاليتنا.